عدت من المقبرة و دخلت إلى
غرفتي و تركت منزل جدي العامر بصراخ النساء، شعرت أنهم يشاركون في مسابقة للبكاء، وأشعر
من أعماق قلبي أني سأكون الفائز في هذه المسابقة، لكن لا يوجد من سيعرف ذالك لأني
أبكي وحدي، و لا أحد يرى دموعي غيري.
الحياة جعلتني أتعرف عليك،
لكني الآن أسألها لماذا فعلت هذا؟ أعود بذاكرتي للوراء حتى أعرف لماذا ؟ و كيف
عرفتك؟ فلا أتذكر ما هي أول مرة؟ فأول مرة فتحت عيني وجدتك، لكن مع ذالك تتساقط
الذكريات كالحجارة فوق رأسي, و تؤلمني بشدة و أحياناً أخرى تجعلني أبكي بدموع تحجب
الرؤيا. فيسقط القلم من يدي و تتبلل أوراقي و أرمي كل شيء يوجد أمامي.
أُطفأ النور و أرمي نفسي في
سريري و كأني جثة هامدة لا تقدر أن تتحرك، أتسمر بتلك الوضعية لأبدأ بالبكاء و
أيضاً لمشاهدة صورك التي تظهر لي بوضوح الآن في سقف غرفتي. كلما أبكي و أشعر
بدموعي أتذكر يدك الخشنة التي كانت تسمح لي دموعي عندما كنت طفلاً، و كنت تقول لي
أن الرجال لا يبكون، لكني كنت ابكي أكثر و بعد ذالك كنت تذهب.
قد يكون هذا الإحساس الحزين
بسبب أني رايتك البارحة لآخر مرة. نعم ودعتك لآخر مرة و هذا الطفل الذي كان يسأل
عنك كل يوم سيصبح من دونك الآن.
و عندما ذهبت و صعدت روحك
بدأت أحاول أن أراها و كأني أحاول أن أجدها لأقول لها أن تعود لجسدك، لكنها لم
تظهر نفسها و ذهبت بهدوء و تركت غموض،
أما جسدك فهو مثلي لا يتحرك.
لكن التحدي الذي أمامي هو أن أنهض من جديد و أن أحاول أن أركض حتى ألحق بتلك
الأشياء التي تجري بسرعة في هذه الحياة أخاف جداً أن لا أستطيع الوصول إليها.
لقد وضعوك في تلك السيارة
البارحة ليلاً و انطلقت بسرعة. و أما أنا فسقطت أرضاً مع دموعي التي كانت تسقط
بغزارة فوق خدي.كنت اركض وراء سيارة الموتى, كطفل يركض وراء لعبة مسلية.
لقد كنت أظن أحياناً أني لا
أحبك, و لا أهتم لك لكن بعد موتك تأكدت أني أحبك، أصبحت أشعر أني خسرت و قريباً قد
أخسر نفسي.
لقد أحببت بصدق و أنت أحببتني
بعنف. لكني الآن أشعر و كأني أحب تلك القسوة.أحبها فقط لتكون معي. فقد لنعالج كل
شيء كما سيئاً، لنعالج كل جروحنا لكني لست متأكد إذا كنت سأفرح بعودتك أم لا.
لأنك كنت مثل نار يجب أن
أبتعد عنها حتى لا أحترق أكثر، أحاول الآن أسمع أجوبتك لكي لا أستطيع، أحاول أن
أكلم روحك كما يفعلون في الأفلام لكن روحك لا ترد على أسئلتي، و لا أظن أنك سترد
لو كنت معي.