قمت بترجمة آخر مقطع من رواية "سحابة أطلس" التي نشرتها الروائي الإنجليزي دفيد ميتشيل سنة 2004. حولت إلى فيلم سنمائي عالمي حصل على شهرة عالمية لكنها لم يحظى بالنقد والتحليل والإهتمام الذي يستحقه.
الرواية حصلت على لقب أفضل رواية لسنة 2004 من طرف جائزتين أدبيتين و ترشحت لأكثر من 4 جوائز أخرى. ترجمة رواية سحابة أطلس إلى الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، الإسبانية، اليابانية و الكورية لكنها لم تترجم بعد إلى العربية. لذا سأحاول ترجمتها بمساعدة صديق. أؤمن أن ترجمتي ستكون رائعة. فيما بعد، سوف أحتاج إلى عمل مراجع مساعد ومدقق لغوي.
في هذا المقتطف يكتب المحامي " آدم يوينغ" بضمير المتكلم يومياته و مغمراته في المحيط الهادئ سنة 1849. لقد رأى مآسي العبودية و تعرض للخيانة من الطبيب الذي تظاهر بالطيبة ورغبته في تقديم المساعدة له لكنه قام بتسميمه من أجل سرقته.
صحيح أن هذا هو آخر مقتطف في الرواية لكنه لا يعتبر النهاية. في الرواية توجد 6 روايات قصيرة لكنها مترابطة فيما بينها ولها علاقة مباشرة بيوميات آدم يوينغ.
أنا منهك وبحاجة للراحة. اليوم هو عيد مولدي الرابع والثلاثين. ما زلت أحمد الله على كل رحماته.
الإثنين 13 يناير
....
مغامراتي الأخيرة حولتني إلى فيلسوف، خصوصاً حينما يحل الليل. عندما لا أسمع سوى صوت النهر الذي يحول الصخور إلى حصى في هدوء أبدي. تتدفق أفكاري مثل النهر. يحاول الدارسون تبيان حركة التاريخ و تصنيفها حسب قواعد تتحدد في ازدهار و سقوط الحضارات، لكن اعتقادي مخالف. للعلم: التاريخ لا يخضع لقواعد، له نتائج فقط.
الإثنين 13 يناير
....
مغامراتي الأخيرة حولتني إلى فيلسوف، خصوصاً حينما يحل الليل. عندما لا أسمع سوى صوت النهر الذي يحول الصخور إلى حصى في هدوء أبدي. تتدفق أفكاري مثل النهر. يحاول الدارسون تبيان حركة التاريخ و تصنيفها حسب قواعد تتحدد في ازدهار و سقوط الحضارات، لكن اعتقادي مخالف. للعلم: التاريخ لا يخضع لقواعد، له نتائج فقط.
ما الذي يشكل النتائج ؟ الأفعال الشريرة و
الأفعال الخيرة.
ما الذي يشكل الأفعال ؟ الإيمان.
الإيمان هو على حد سواء نصر وساحة معركة وهو بداخل
العقل وفي مرآته أي العالم. إذا آمنا أن البشرية هي مجموعة من القبائل،
ساحة للمواجهة للإستغلال و الهمجية. فإن مثل هذه البشرية ستظهر إلى حيز الوجود، وسوف يسود في التاريخ
أمثال هوركس المرتزق، الطفيلي بويرهاف و القاتل غوس. أما أنتم و أنا،
الأثرياء وأصحاب الامتيازات والثروات، لا ينبغي لنا أن نعاني في هذا العالم، نحن
محظوظون. ماذا لو أزعجنا ضميرنا؟ لماذا ندعم سيادة عرقنا، أسلحتنا تراثنا وآثارنا. لماذا نحارب النظام الطبيعي (يا له من تعبير ماكر!) للأشياء ؟
لماذا ؟ بسبب
التالي: - في يوم جيد، العالم المفترس سوف يلتهم نفسه. نعم، الشيطان
سوف يجلس في الخلف، إلى حين أن يتحول الأمام إلى خلف. في نطاق الفرد، الأنانية تجعل
الروح قبيحة؛ بالنسبة للجنس البشري، الأنانية تعني الانقراض.
هل هذا الفناء
مقدرٌ في طبيعتنا ؟
إذا آمنا أن
البشرية يمكنها أن تتسامى على الناب والمخلب، إذا آمنا أن مختلف الأعراق والمذاهب يمكنها تشارك هذا العالم بسلام مثل يتامى يتشاركون شجرة ميتمهم. إذا آمنا
أن قادتنا يجب أن يكونوا عادلين، أن يكمم عنفهم وأنه يجب محاسبتهم على السلطة
التي منحت إليهم. إذا تشاركنا بشكل متساو ثروات الأرض والمحيطات، فإن هذا العالم
سوف ينبثق إلى الوجود. أنا لست مخدوعاً. إنه أصعب العوالم على التحقق. يمكن للتقدم
المتعرج الذي أنتجته أجيال أن يضيع بسبب جرة قلم رئيس قصير النظر أو سيف جنرال
مغرور.
على الحياة أن
تنتج عالم أريد لإبني جاكسون أن يرثه، لا عالم أخاف أن يرثه. هذا يبدو لي ما تستحق
أن تعاش من أجله الحياة. عند عودتي لمدينة سان فرانسيسكو، سوف أعاهد نفسي لقضية
إلغاء العبودية، لأنني مدين لحياتي لعبد حرر نفسه ولأنه يجب أن أبدأ من مكان ما.
أسمع جواب حماي
كالتالي: " أوه! جيد، يا
للمشاعر الليبرالية، آدم، رجاءاً لا تكلمني عن العدالة! اذهب لولاية تينيسي على
ظهر حمارك واقنع المتخلفين أنهم زنوج ثم تبيضهم وأن زنوجهم هم بيض صبغوا بالأسود! أبحر للعالم
القديم وقل لعبيد الإمبراطوريات الاستعمارية أن لهم حقوق غير قابلة للمصادرة
تماماً كحق ملكة بلجيكا! سينتهي بك الأمر عجوزاً وفقيراً مع صوت مبحوح في المؤتمرات الحزبية. سوف يبصقون عليك، سيقتلونك بالرصاص، سيعاقبونك بلا محاكمة
قانونية، سيقومون بإسكاتك بالأوسمة، سيحتقرونك، سيعزلونك بل ويصلبونك.
آدم، يا لك من حالم ساذج. من يريد أن يحارب الهيدرا متعددة الرؤوس للطبيعة الإنسانية، عليه أن يدفع ثمن عالماً من الألم ويجب أن تشاركه عائلته هذا الألم! وفقط حينما تلفظ أنفاسك الأخيرة سوف تدرك أن حياتك لم تساو أكثر من قطرة واحدة في محيط لا متناه!"
آدم، يا لك من حالم ساذج. من يريد أن يحارب الهيدرا متعددة الرؤوس للطبيعة الإنسانية، عليه أن يدفع ثمن عالماً من الألم ويجب أن تشاركه عائلته هذا الألم! وفقط حينما تلفظ أنفاسك الأخيرة سوف تدرك أن حياتك لم تساو أكثر من قطرة واحدة في محيط لا متناه!"
حسناً، وما هو المحيط، إذا لم يكن كماً وافراً من
القطرات؟