رواية
الأوراق المتساقطة هي رواية نشرت سنة 1930 وهي رائعة جداً فأسلوب الكاتب رشاد نوري غونتكن جميل و مؤثر. يجمع بين
السرد، الوصف و الحوار، أما المسلسل التركي الشهير المستلهم من هذه الرواية فهو مبهر
ببساطة، كنت أتابعه باستمرار، وأفضله على الرواية لسبب واحد : متمثل في الإضافات الكثيرة
و التعديلات الذكية التي أطالوا بها سيناريو المسلسل، مما جعله طويلاً و غنياً بالأحداث
المشوقة، التي تطورت كثيراً على عكس الرواية الجميلة والتي إنتهت بسرعة.
بطل
الرواية هو "على رضا"، رب الاسرة، الرجل العصامي الشريف، الذكي، الذي كان
يعمل بإخلاص و نزاهة في منصب مرموق، ربي أبنائه على الأخلاق و الشرف، لكن كل هذا لم
يمنحه السعادة التي يستحقها في خريف عمره، بل منحه فقط الألم و التعاسة، بعدما ظل يشاهد
أولاده لسنوات و هم يتساقطون أمامه كأوراق الشجر. "علي رضا " شخصية متناقظة،
فهو شريف و يهتم كثيراً بالأخلاق لكنه غير متدين!! لماذا لم يكن متديناً متمسكاً بدينه ؟
و لماذا لم يربي أبنائه تربية دينية ؟
"خيرية
خانم" زوجة "علي رضا"، امرأة خدومة و مخلصة، لكنها غامضة و غريبة، و
قد كانت محقة عندما نبهت زوجها قائلة له: "هناك خطأ في تربية أولادنا" بينما
كان "علي رضا بك" يعتبر بسذاجة أن أولاده ملائكة، و هو يثق بهم. فيما تحول أولاده الملائكة فجأة
لشياطين، بعد أن دق الفقر على باب منزلهم و بعد أن تفتحت عيونهم و نضجت شهواتهم، أما
والدهم فقد كان يردد دائماً عبارة مفادها : " أن أسمى ميراث يتركه الأب لأولاده هو اسم
نظيف " ، لكن أولاده لطخوا اسمه بالعار.
"شوكت"
الإبن الأكبر الشاب، هرب من جحيم أبيه، و تعذب بسبب تورطه في مستنقع الديون الكثيرة،
و بتصرفات زوجته "فتون" الخائنة، الأنانية التي تثير الفتن، ليذهب لجحيم
آخر أكثر مرارة، جحيم السجن عقاباً له على ما سرقه من البنك الذي يشتغل فيه.
"فكرت"،
الفتاة الرزينة المثقفة، الخدومة و الشريفة، هربت من جحيم أبيها لتذهب لجحيم زوجها، الأرمل و الأب لثلاثة
أطفال، لتعيش معه بصفتها ربة بيت و مربية لأولاده في منزل مليء بالمشاكل العائلية،
و الأسوء أنها لم تستطع أن تعتني بأبيها بعدما لجأ إليها في الأخير، بسبب ظروف عيشها
السيئة.
ليلى"
طردها والدها من جحيمه بعد أن علم بعلاقتها المشبوهة مع رجل متزوج ميسور
نجلاء"
الوقحة و التي تتصرف بسذاجة أحياناً، هربت من جحيم أبيها، لتتزوج برجل عربي من سوريا
صدقت أنه غني، و اكتشفت في وقت لاحق أنه مجرد مخادع يقوم بأعمال مشبوهة.
أما
الصغيرة "عائشة"، الفتاة الملاك، فاستمرت في العيش في الجحيم الأبوي، و لا
أعرف هل هذه الفتاة ستبقى محافظة دور الملاك، أم سينتهي بها الأمر كما إنتهى بإخوتها،
لتسقط بدورها كورقة من شجرة العائلة.
إقتباسات من الرواية:
ـ لقد شهد العالم يقظة كبيرة، و لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية، الناس في الوقت الحاضر
يختلفون عن الناس الذين هم من جيلك، ناس هذا الزمان ليسوا كالناس الذين عاصرتهم، الناس تفتحت عيونهم و زادت أمالهم و تطلعاتهمن و إنهم يشكون سوء أوضاعهم و يحاربون من أجل تطويرها
ـ الإنسان
يحتاج إلى النقود بالقدر الذي تسمح له بالعيش، أنت لا تملك المال الكافي، لذا ليس بإمكان
أولادك تقديم أي سعادة لك في خريف عمرك سوى مشاهدتهم يسقطون مثل الأوراق المتساقطة
انا من متابعيها جدا تحزن
ReplyDeleteصحيح، حزينة لكن يجب أن نستفيد من حزنها :)
Delete