هذه مداخلتي في النشاط التواصلي "
الفلسفة ف الزنقة" الذي نظمه إتحاد الطلبة من أجل تغيير النظام التعليمي. بتاريخ
7 فبراير 2015 في مدينة الرباط/ ساحة البريد، ابتداءً مع الساعة الثالثة بعد
الزوال.
كان موضوع الحوار هو: حرية التعبير، هل هي
مشروطة؟ و هل توجد في المغرب؟
ملاحظة: لأول مرة أشارك في هذا النشاط. مداخلتي
ليوم السبت الفارط كانت قصيرة و لم تتجاوز دقائق معدودة، و هذا المقال كتبته اليوم (بعد ثلاثة أيام من تنظيم النقاش) لكنه يحتوي على الأشياء التي ذكرتها في مداخلتي مع إضافات كثيرة.
" شكراً لمن بادر بتنظيم هذا النشاط
التواصلي، نحتاج في مجتمعنا لمثل هذه المبادرات من أجل تأسيس ثقافة الحوار و تبادل الأفكار و تقبل الاختلاف.
كما تلاحظون أنا أحاول أن أتحدث الآن و أشعر
بالتوتر كوني سأتحدث أمام جمهور مكون من أشخاص لا أعرفهم. هناك من سيركز على هذا
الارتباك البسيط، و هناك من سيركز على رؤية شكلي الخارجي أو ملاحظة الطريقة التي
أتحدث بها أو اللهجة، عوض أن يهتم بمحتوى كلامي، و هذا مؤسف. أحاول الآن أن أمارس
حريتي في التعبير لكن هناك أشخاص غير مستعدين لسماع و فهم ما أود أن أخبركم به. لماذا يا ترى ؟
في هذه المداخلة، أريد أن أتحدث من وجهة نظري حول 3 نقاط تخص
هذا الموضوع:
1- أشكال تعبيرية أخرى.
2- حرية التعبير مشروطة.
3- ازدواجية السلوك و قمع حرية التعبير.
حرية التعبير كما هو معروف من الحقوق
الأساسية للإنسان المفكر. حرية التعبير تسمى كذلك فقط حينما تكون كاملة و غير
مجزئة. يجب أن تضمن حرية التعبير لجميع الأشخاص كيفما كان موقعهم في المجتمع و
كيفما اختلفت خلفياتهم، التلميذ يحق له أن يعبر عن رأيه تماماً كالمعلم، و الطفل
في المنزل يحق له ذلك كالأب. يجب أن نعبر حول جميع الموضوع بدون استثناء و من دون
طابوهات أو مواضيع ممنوعة، فكل شيء قابل للنقاش، و ما تؤمن به قد لا أؤمن به. كما
يجب أن نمارس حريتنا بأشكال تعبيرية مختلفة، فالرقص، الموسيقى، العزف، الكتابة
الأدبية، الرسم و سائر الفنون الجميلة الأخرى، جميعها وسائل للتعبير. هذا الأمر
مهم جداً، فالشخص الذي يدافع عن حرية التعبير يجب أن يمارسها بأشكال مختلفة و يجب
أن يكون خلاق و مبتكر.
أستغرب جداً كيف أن الجميع يتحدث بحماس عن حرية التعبير
و يتجاهل حرية التفكير. بالنسبة لي التفكير يجب أن يكون هو النواة الأولى لحرية
التعبير، فهذه الأخيرة هي مجرد نتيجة للتفكير.
حرية التفكير بالنسبة لي لا حدود لها، أستطيع
أن أفكر فيما أريد و أن أشعر بما أريد. لكن حرية التعبير يجب أن تكون مشروطة بأمور
أساسية في الحياة، إذا كان ما نعبر عنه ينشر للعامة و يصبح متاح للآخرين، أما إذا
كنت تعبر من وراء قناع أو باسم قلم، فلا أظن أنه يجب أن تهتم للخطوط الحمراء، لكن
أفضل أن تفعل ذلك من دون قناع أو اسم مستعار. في الحالة الأخرى، تبقى حرية التعبير
مشروطة، لذا يجب ربطها باحترام الآخر، بالمسؤولية و تحمل العواقب، عوض ممارسة حرية
التعبير بطريقة عبثية، لا مسئولة، فالفرد في مجتمعنا يريد فقط أن يعبر و يتكلم من أجل أن
يقول لا شيء، يتحول الأمر لسخافة فالجميع يتكلم و لا أحد يسمع أحد، و هذا ما ألاحظه عادة في مواقع التواصل
الاجتماعي.
لست ضد الكاريكاتير أو حتى التهكم أو التقليد
و الكتابات الساخرة لكن مع ذلك الاحترام يبقى أمر أساسي. لذا لا يجب التخفي وراء حرية
التعبير من أجل الإساءة للآخرين، هناك من يقول أشياء سيئة و يقول لك ببساطة أنه
يحق له أن يعبر عن رأيه. هل نشر الانتقادات الهدامة في المدونات؟ أو نشر التعليقات
المسيئة في الفيسبوك ؟ و تبادل الشتائم في اليوتيوب؟ هل هذه هي حرية التعبير؟
أنا أتحدث عن التعبير في المستوى الفكري،
الأكاديمي و الفلسفي و ليس التعبير في أمور يومية عادية. ما أعرف أنه من المفترض
أن الشخص الذي درس في المدارس و جلس ساعات في المكتبات و قرأ عشرات أو مئات الكتب،
هو شخص يعرف كيف يمارس حريته و يدافع عنها. الإساءات المتبادلة و الاتهامات
المنحطة و الأحكام المسبقة النمطية جميعا أمور لا علاقة لها بحرية التعبير.
هناك أشخاص يدعون أنهم يدافعون عن حرية
التعبير، لكنهم في الواقع يدافعون عنها فقط عندما تخدم مصالحهم و تتفق مع أفكارهم
و توجهاتهم. في الآونة الأخيرة، كنت أتابع بعض الكتاب، و ما ألاحظه
أننا مجتمع لا يتقبل النقد أو اختلاف الرأي. بعض من كنت معجباً بهم أظهروا لي عن ازدواجيتهم
و نفاقهم. مثلاً في حالة الفيسبوك: على حائطهم الشخصي يقولون كلاماً يعجب القراء
لكن إذا اطلعت على رسائلهم الخاصة سوف تفاجئ بالتناقض الذي يتصف به سلوكهم. كل ما
تحصل عليه في الأخير هو حذف من لائحة الأصدقاء و حظر من نشر التعليقات، و في حالات
أخرى قد تتوصل برسائل مسيئة تضم شتائم. بالنسبة لي من يقمع حرية التعبير بهذه
الطريقة هو ما أعتبره خطراً على الحريات، أكثر من خطر السلطة التي تستبد و تحتكر
العنف لمواجهة الأفكار المعارضة أو الثورية. من أجل تأسيس مجتمع يحترم حرية التعبير يجب
أن نحترمها نحن كأفراد في حياتنا اليومية، في الجامعة، في النت و مع الأصدقاء. بعد
ذلك يحق لنا أن نتطلع لأمر أكبر. أما أن ننتقد الدولة و المؤسسات و وسائل الإعلام
الرسمية التي تقمع الأصوات المعارضة ثم نمارس نفس السلوك القمعي العدواني، هذا من دون شك، أمر
محبط. إنه النفاق الاجتماعي.
عند ممارسة حريتنا في التعبير يجب أن لا ننسى
مسألة الاحترام لأنها أمر ضروري جداً، و أريد أن أستغل الفرصة لأعبر عن انزعاجي من
دخان السجائر الذي يعم المكان. أجد الأمر مزعج جداً و يعبر عن عدم احترام للشخص
الذي يجلس بجانبك و الذي لا يدخن، أو ربما لا يتحمل دخان السجائر. لم أتوقع أن أجد مدخنين بهذا الكم الكبير من الجنسين. أنا أتيت
هنا من أجل نشاط تواصلي ينظمه طلبة و يحق لي أن أستنشق هواء غير سام.
شكراً لكم"
في نهاية النقاش قام المشاركين يعمل شيئين:
1- ترشيح مواضيع أخرى تهمهم من أجل نقاش السبت القادم على شكل سؤال اشكالي، و قاموا بعمل تصويت في الفيسبوك لمدة 24 ساعة من أجل اختيار موضوع واحد للنقاش و كانت النتيجة:
هل العنف يستطيع أن يكون مشروعاً؟ أنا أيضاً قمت بالتصويت لهذا الموضوع، مع العلم أنني صوتت على موضوعي الذي حصل على صوتي الوحيد :)
- " ما هي الأشياء التي نحتاجها لكي نؤسس لمجتمع حضاري و مسالم ؟ " لكن يبدو أن موضوعي لم ينجح في إثارة انتباههم.
2- قاموا بترشيح أماكن عامة ينظم فيها النقاش، و صوتت الأغلبية (27 صوت)على ساحة ثربانتيس خلف فندق باليما بالرباط. أراه أفضل مكان.
لم أقرر بعد، هل أشارك مرة أخرى، ربما سأفعل. و هكذا سوف أكتب موضوع ثاني عن العنف المشروع ;)
حرية التفكير مرتبطة بحرية التعبير. للأسف المعظم يعتبرون حرية التعبير أن يكون الإنسان وقحًا، وأن يقمعوا حرية التفكير والتعبير لكي لا يطالب الإنسان بحقوقه. الموضوع جميل وشارك معهم مرة أخرى لأن النقاش والاستماع إلى وجهات نظر مختلفة يجعل الإنسان يفكر في أمور كثيرة ويتفاعل معها ومعهم..بالتوفيق
ReplyDelete