المسلسلات التركية أصبحت لها مكانة رئيسة في القنوات العربية ونجحت بشدة في الترويج لنفسها وأيضاً الترويج لتركيا سياحياً. سبق أن شاهدت بعض المسلسلات التركية بدءاً بمسلسل إكليل الورد الذي يعتبر أول مسلسل يترجم إلى العربية، ثم شاهدت " نور، سنوات الضياع، دموع الورد، لا مكان لا وطن، ويبقى الحب، تمضي الأيام، لحظة وداع، الغريب، عاصي، عائلتان، الحب المستحيل، عليا، فاطمة، العشق الممنوع."
- لم أتخيل أنني شاهدت هذا الرقم من المسلسلات (تقريبا 16 مسلسل) لكن في الواقع لم أكن أشاهد جميع الحلقات لكن المسلسلات التي أراها مهمة أو بالأحرى أثرت بي هي: لا مكان لا وطن، تمضي الأيام، فاطمة وأكيد أكثر مسلسل أثر بي هو: الأوراق المتساقطة الذي قررت أن أكتب عنه الآن.
من دون شك ما جعل هذا المسلسل مهم هو أنه مقتبس من رواية تركية بنفس العنوان "Yaprak Dokumu" للكاتب رشاد نوري غونتكن الذي نشرها سنة 1930. لكن المسلسل طويل ويضم أحداث لا توجد في المسلسل فهو تجاري أيضاً لكن الأحداث الطويلة كانت مقنعة وليس ما يحدث عادةً حيث يصبح المسلسل ممل وتافه ومضيعة للوقت.
الرواية مترجة للعربية ولقد كتبت عنها مراجعة سابقاً هنا.
هذه هي
عائلتي التي أحبها لكن المشكلة أنها عائلة مؤلمة، مؤلمة جداً وتدخل إلى أعماق قلبك وتجعلك تبكي.
الأب عصامي، شريف وحنون ومثقف ويحب القراءة وكان متقاعد لكن واصل عمله كمترجم حر. لقد كان يظن أن أبنائه ملائكة لكن حياة المدينة غيرتهم. في الحلقة الأولى العائلة تنتقل من القرية إلى المدينة لكي تدرس ابنته نجلاء في الجامعة..إن المدينة هي وحش كبير سوف يلتهم
أبناءه. المدينة مغرية وتصدم الانسان عاطفياً، جنسياً ومعرفياً.
إن
العالم الذي نعيش فيه يحول الملائكة ليس إلا شياطين لكن إلا سذج يثقون في المظاهر
الخداعة التي تتحول فيما بعد لتصبح مؤذية. هكذا كانت المدينة، لقد كانت خادعة جداً للفتاتين: ليلى ونجلاء.
في هذه العائلة هناك
قطيعة وعلاقات معقدة. الزوجة هي سبب الكثير من المشاكل بسبب أنها
لم تكن متفاهمة مع زوجها في نظريته في التربية. إنه يتقاسم معها المسؤولية ولذا فهو أيضا مخطئ لأنه يعيش في عالمه
المثالي، المشكلة الأساسية هي أنه لم يكن هناك تنسيق بين الأم والأب في التربية فهما مختلفين بشكل يسبب الحروب الباردة.
لقد
تساقط أبنائه مثل أوراق الشجر وفي النهاية سقط هو. وفق المسلسل أبناءه هم الأوراق وهو جذع الشجرة وفي الحلقة الأخيرة سقط هو أيضاً. لن
أخجل لأقول أنني تعرضت لحالة من البكاء الهستريي عند مشاهدة الحلقة الأخيرة لهذا
المسلسل، لم أبكي لكنني تعرضت لانهيار من البكاء الذي استمر لأكثر من 5 دقائق (ربما) لقد كنت أبكي وجسمي العلوي يهتز من فرط البكاء وما حدث في الواقع هو أنني كنت أبكي أيضاً بسبب أشياء شخصية لا علاقة لها بالمسلسل لكن هذا الأخير أثار كل شعور بداخلي.
الكثير من المشاهدين يقارنون بين ليلى ونجلاء والكثير منهن يكرهون نجلاء كثيراً ويتعاطفون مع ليلى لكنني لا أفعل ذلك لأنني أتعاطف مع نجلاء ولا أستطيع حقاً أن أفرق بيهم. تماماً كما يفعل الأب الذي يحاول لم يعرف كيف يصلح أخطاء بناته بطريقة صحيحة. إنه كان بين العادات والتقاليد وبين التطور والتغيير. لقد تعرض لضغوط كثيرة ولا اعرف حقاً كيف قاوم كل تلك الصدمات وواصل حياته إلى حين أن رأيته في الحلقة الأخيرة وهو يموت. إنه أب مقاوم. كم أحبه وكم أتمنى لو كان أبي شخصياً. إنه أروع أب رأيته في مسلسل تركي.
الطفلة الصغيرة " عائشة" التي من المفترض سيكون لها مستقبل مختلف عن نجلاء وليلى وشوكت كانت تبكي في عشرات الحلقات بسبب الأحداث التي تحدث. كانت صغيرة وكنت أشفق على الممثلة التي يتطلب منها دورها أن ترى تلك المواقف العائلية الصعبة وأن تبكي وكنت أتسائل كيف ستصبح عندما تكبر وهل سيؤثر بها هذا التمثيل بشكل سلبي. يا للغرابة!
الورقة الأولى التي سقطت هي "شوكت" بحيث تزوج بزوجة مادية واستغلالية وخائنة أقحمها في منزل العائلة وكانت مثل المكروب التي يتطفل على عضو سليم. الورقة الثانية التي سقطت هي "نجلاء" التي سقطت فور وقوعها في غرام "قوس". والورقة الثالثة التي فقدت نفسها بمجرد أن فقدت عذريتها بعدما اغتصبها قوس لتتزوج به مكرهةً بسبب تقاليد المجتمع. الورقة الرابعة التي سقطت في نهاية الجزء الأول من المسلسل هي فكرت التي غادرت منزل العائلة بسبب كثرة المشاكل وبسبب أن لا أحد يقدرها فهي الابنة الكبرى التي لا تتردد في مساعدة أمها في أعمال المنزل وليست مدللة مثل الأخريات كما تساعد الأب في عمله، وبالنسبة لي فهي لم تسقط لكنها أنقدت نفسها من هذه العائلة وابتعدت لتؤسس عائلة جديدة في مدينة بعيدة.
فكرت هي ابنة مثالية، فهي خدومة وصبورة وفي نفس الوقت مثقفة ورائعة ومتخلقة، لكنها لم تكن محظوظة في البداية لكن حياتها سوف تتغير بشكل جذري بسبب القرارات التي سوف تقوم بها كي تغير حياتها. لهذا أعتبرها شخصيتي المفضلة في المسلسل.
قلبي ما يزال يؤلمني الآن بوحدة وأحزن كلما تذكرت ما تعرضت له هذه العائلة وخصوصا الأب الحنون الشريف
الذي عاش في الفضيلة والأخلاق الحسنة. لقد كان صارماً جداً وكانت له كرامة ونخوة وشرف عظيم.
إن
الجسد هو الذي غير كل مفاهيم الشرف بمجرد أن تعرف نجلاء على "قوس" الذي بدأ يستغلها وتروطت عاطفياً معه ثم تعرف على أختها ليلى التي بدأ يتلاعب بها عاطفياً لتصبح الأخوات مغرمات بنفس الرجل.
يا لها
من بداية غريبة... لكن الأغرب هو أن الصديقة الجارة هي أول من تعرف عليه لكنها أنقدت نفسها من شره ومن شر هذه البداية. لقد حذرتهما فتاة المدينة لكنهما ساذجتين جداً.
لكن "سهى" كان حياتها مختلفة فهي الفتاة المطيعة البطيئة التي تسمع لكلام أمها والتي لا تثق بالغرباء. لقد نجحت في ميدان تصميم الأزياء وحصلت على الحياة التي تستحقها وكانت متمسكة بأمها التي ضحت من أجلها. لكنها كذلك حزت كذلك وتعرضت لمواقف صعبة في حياتها وظلمت وهي الفتاة التي لا تظلم أبداُ.
نحن
جميعا نتعرض لما تعرضت له هذه العائلة لكن بطرق أخرى.
أريد
أشاهد هذا المسلسل من جديد لكنني لا أجد الوقت.
الاوراق
المتساقطة. إنه مسلسل اجتماعي عن عائلة تركية تواجه الكثير من الأزمات المرتبطة بما هو مادي ومعنوي. إنه يحكي عن كفاح أب شريف ربى أبنائه على الأخلاق والعفة ويحكي قصص مراهقات ساذجات وضحيات لأنفسهن ولهذا العالم المادي الذي تطغى عليه النزعة الاستهلاكية.
المسلسل حزين ومفيد جداً وأنصح به كل من يدرس علم النفس وكل من يحب كتابة الرواية والشعر. إنه ملهم جداً وموسيقى الفيلم رائعة أيضاً. وحتماً يوجد في الفيلم أشياء أخرى غير الحزن والدموع.. فهو مليء بالأحداث المختلفة التي تجعلك لا تمل وتقضي وقت جيد معه.
عدد
حلقات الأجزاء الخمسة للمسلسل وجميع الحلقات متوفرة على موقع بانيت. حتماً سوف أشاهدها ولا أهتم لعدد حلقات المسلسل التي تصل إلى 350 حلقة.
1- 68 حلقة.
2- 75 حلقة.
3- 85 حلقة.
4- 90 حلقة.
5- 32 حلقة.