في القرآن الكريم الله سبحانه وتعالى أمرنا بالقراءة والتدبر والتفكر
في خلق الله باعتبار أن الكون هو الكتاب المنظور الذي يمكن فهمه بالتدبر وبالعلم
لأنه لا يوجد تعارض بين العلم والدين فهما بالنسبة لي مثل التوأم غير المتطابق،
فحتى لو كانت المناهج مختلفة، الغاية واحدة.
لقد عظم الله من قيمة العلماء والباحثين عن الحقيقة لكن رجال الدين
الذين حصروا أنفسهم في القرآن (الكتاب المسطور) على عكس ما يقوم به العلماء فهم يعتمدون على
ثقافة الطاعة والإنصات والخضوع للسلطة السياسية وهذا يؤدي لغياب حس النقد والمشاركة
الفعالة. إنهم ينزعجون من الفلسفة ومن الشك والتساؤل والمقارنة والتحليل والدراسة
المتعمقة بهدف الخروج بوجهة نظر حرة ومستقلة. إنهم يعملون من أجل أن يصبح طلاب
القرآن مجرد بطاقات ذاكرة للحفظ والترديد ومجرد ببغاوات كل ما يتقنونه هو تكرار ما
قاله شيخ قبل مائة سنة أو استظهار سور القرآن دون فهم معانيها ودون إدراك حقيقي
لجوهر النص ويتمظهر ذلك من خلال كثرة مسابقات حفظ وتجويد القرآن وفي المقابل تكاد
تنعدم مسابقات تدبر وفهم القرآن. مع العلم أن الفهم أهم من الحفظ وأن التدبر
والإجتهاد أفضل من التقليد.
الفكر الإبداعي يخيفهم والفنون ترعبهم ولهذا تجدهم يحرمون كل شيء
يمكن أن يحرر به الإنسان عقله فدورهم هو إلغاء العقل وتخدير الأسئلة المحرمة التي
يخاف الناس من طرحها الآن وذلك بسبب ردود الفعل التي تكون عنيفة ففي مجتمعنا يتعرض
الناس للتخوين وللتكفير ولتشويه السمعة لأن ثقافة نبذ الآخر وعدم تقبل الفكر
المختلف سائدة، لهذا تجد الناس يهجرون القرآن ولا يحاولون فهمه وكل ما يقومون به
هو اتباع السائد في المجتمع - على الأقل ظاهرياً- من أجل أن حماية أنفسهم من عقوبة
التفكير والتعبير التي قد تصل إلى القتل والتعذيب أوعلى الأقل السجن بتهم كما حدث للباحث إسلام البحيري في مصر حيث الذي حوكم بالسجن لمدة 5 سنوات. تهمة ازدراء الأديان مثلاً هي تهمة سياسية ظالمة يتم فرضها تحت اسم القانون بدعوى حماية الدين. هنا نلاحظ كيف تتضافر جهود رجال الدين برجال القانون من أجل حماية نفس النظام المجتمعي الذكوري الظالم.
مشكلة القرآن الحقيقية تتجلى بوضوح في رجال الدين الذين يحتكرون فهمه
وتفسيره لخدمة سلطتين:
1- السلطة
السياسة: الحاكم الذي بدوره يخدم القوى الأجنبية والاستعمارية ولذلك يلقب الكثير
من رجال الدين بشيوخ السلاطين.. ولذا لا يوجد تعارض بين سلطة الحاكم وسلطة رجل
الدين فهما يعملان سوياً من أجل غاية واحدة وإن كانت طرقهم مختلفة.
2- السلطة
الإجتماعية: خدمة المجتمع الذكوري المتمسك بالعادات والتقاليد البالية ولهذا تجد
غالبية رجال الدين من الذكور مع العلم أن القرآن يتجاوز مفهومي الذكورة والأنوثة
لأن خطابه شمولي موجه للمرأة وللرجل كما أن الله يأمر الإنسان بالعلم كيفما كان
جنسه.
لقد قاموا بتحريف معاني القرآن من خلال تفسيرات ذكورية تستعبد المرأة
وتظلمها ولا يمكن تحقيق الأمر إلا من خلال عزل المرأة عن المجتمع سواء بتحريم
تعليمها واختلاطها بالرجل وأيضاً عزلها رمزياً بلباس يعيق تواصلها بالآخر ويميزها
عن الرجل ويعزلها اجتماعياً مثل البرقع مثلاً. لقد حُصرت مهمتها في ممارسة الجنس
والإنجاب وتربية الأطفال وتحضير الطعام والتنظيف وكأنها مجرد خادمة في بيت الزوج،
وكأنها نصف إنسان لا يتمتع بأي حقوق إنسانية تمكنه من عيش حياة حرة وكريمة. بسبب
تحريفهم لمعاني القرآن أصبحت المرأة مكسورة الجناج وغير متساوية مع الرجل وهذا هو
سبب تخلف المجتمع الغارق في الجهل والأمية والظواهر السلبية.
كل مسلم مطالب بقراءة القرآن والاجتهاد في فهمه عوض الاعتماد على اجتهاد الغير أو التبعية لما هو سائد في المجتمع. القرآن أنزل بلغة عربية وفي الإسلام لا يوجد كهنة أو قص مطالبون بقراءة القرآن لنا وتفسيره أو ترجمته لنا كما كان يحدث في العصور الوسطى الأوروبية بحيث كان لرجال الدين دور الوسيط والمترجم والمفسر، ولهذا لا أتقبل واقع الناس الذين يخضعون للشيوخ ويتمسكون بسلطة رجال الدين.
كل مسلم مطالب بقراءة القرآن والاجتهاد في فهمه عوض الاعتماد على اجتهاد الغير أو التبعية لما هو سائد في المجتمع. القرآن أنزل بلغة عربية وفي الإسلام لا يوجد كهنة أو قص مطالبون بقراءة القرآن لنا وتفسيره أو ترجمته لنا كما كان يحدث في العصور الوسطى الأوروبية بحيث كان لرجال الدين دور الوسيط والمترجم والمفسر، ولهذا لا أتقبل واقع الناس الذين يخضعون للشيوخ ويتمسكون بسلطة رجال الدين.
إنهم يقومون بتجزيء الآيات وبترها من أجل تدليس المعاني وتمرير خطاب
يخدم المجتمع الذكوري وأعرافه وتقاليه وعاداته التي تتناقض مع روح القرآن فهذا
الأخير أنزل على الرسول محمد من أجل تغيير المجتمع وتحريره من التخلف والجهل ومن
العبودية. لكن هذا المجتمع القوي استطاع أن يعيش لأكثر من 14 قرن... وذلك بطريقة
واحدة وهو التمييز الجنسي وقهر النساء واعتبار الرجل أفضل من المرأة.
وبالتالي لا يمكن للمجتمع أن يتحرر إلا من خلال تحرر المرأة فهذه
الأخيرة يجب أن تحظى بفرص متساوية في التعليم والعمل من أجل ضمان قوتها الفكرية
واستقلالها المادي الذي بدوره سيمكنها من التطور العلمي وخدمة المجتمع والإنسانية
في جميع نواحي الحياة.