Wednesday, August 09, 2017

حول قضية وئام الدحماني، دفاعاً عن أم الحمام المغربي ضد أم ركب سود.



هذا مضحك سوف أكتب مقال رأي عن أحد المواضيع الشائعة التي يسترزق منها رجال الإعلام والتي تجذب ملايين الذباب البشري في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تكون عادةً حول فضائح الفنانات أو خزعبلات شيوخ دين وأحياناً مناظرات بين شهيرات عالم الفن للبرهنة لمن لها أثداء وألوان عيون طبيعية من الأخرى ومن أجمل بدون مساحيق تجميل ومن له حقوق كلمات الأغنية الفلانية. وكل هذا لا يظهر فقط الردة الفكرية والأخلاقية التي نعيش فيها بل يؤكد انحطاط الحس الفني والابداعي عند مشاهير الفن والاعلام. لذا أتمنى أن يرفع الشباب الشعار الإنجليزي الشهير "لا تجعلوا من الحمقى مشاهير".


دائماً ما أرفض الحديث في مثل هذه المواضيع الشهيرة رغم أن هذا يؤثر على شهرة مدونتي لأني لا أتبع الموجة وأركز على مشاركة خواطري وكتابة قصائدي ومراجعات الكتب التي أقرأها وأحياناً أنشر مقال رأي أو ترجمة أغنية. لم أتخيل نفسي أنني سوف أكتب مقال حول هذا الموضوع الذي يستحق أن يكون مكانه تعليقات اليوتيوب فقط. لكن هذه المرة قررت ألا أفعل ذلك لأن كتابة المقال سيكون عملية ممتعة لي. أردت أن أبدأ كتابة هذا المقال بالرغم من أنه حول حديث الساعة. هل تعلمون ما هو؟ - نعم إنه حول الصراع المستمر بين النساء المغربيات وبين النساء الخليجيات. الحرب الأبدية بين أم ركب سود وأم الحمام المغربي. الأزمة الديبلوماسية في سوق الزواج بين الخليجية العفيفة الشريفة والمغربيات الساحرات والمشعوذات وخطافات الرجال، عذراً، سأحاول أن أكتب بمهنية وموضعية وأبتعد عن الحس الفكاهي والسخرية. عموماً، فلنبدأ.


القضية بدأت بجملة قالتها وئام الدحماني في لقاء صحفي، كان يمكن أن نمر عليها مرور الكرام وهي " المرأة المغربية تعتني بنفسها وبنظافتها بشكل كبير جدا وهذا ليس معناه أن المرأة الخليجية ليست نظيفة ولكن المغربية تهتم بنظافتها أكثر. المرأة المغربية عندها نظافة بشكل مبالغ." هذا ما قالته وئام بالحرف الواحد وهو كلام أتفق معه بالتحديد لأسباب كثيرة: المغربيات مثلاً رقم واحد في اليوتيوب في مجال قنوات الموضة والجمال والوصفات الطبيعية التجميلية لدرجة أنه حتى النساء من جنسيات أخرى يتابعن القنوات المغربية في اليوتيوب ودائماً أقرأ تعليقات سورية ومصرية وسعودية تطلب ترجمة معينة أو معلومة معينة بسبب صعوبة اللهجة المغربية. كلام وئام صحيح وأتى في سياق الكلام رداً على سؤال المذيعة وهو لا يعتبر شتيمة للخليجيات ولا إهانة لإنسان له جنسية إماراتية أو عمانية او كويتية ولكن الخليجين جعلوا من هذه الجملة قضية رأي عام. بدئوا حملة سب وشتم ضد وئام والمغربيات عموماً مع العلم أن وئام تعيش في الإمارات منذ أن كانت طفلة وحتى طريقة لبسها واستعمالها للمكياج خليجية.



هذه البلبلة الإعلامية في قمة التفاهة والموضوع جد سخيف فهل يا ترى هدف هذه الحملة المضادة هو الدفاع عن نظافة المرأة الخليجية وتحسين سمعة السياح الخليجين في المغرب. منذ متى يعتبر السب وسيلة للدفاع ومنذ متى أصبحت الشتائم انتقادات؛ الفكر النقدي بريء من مجتمعاتنا وإلى متى سنظل نرى شعوباً عربية تتظاهر بالأخوة وتتقاسم الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا؛ تتشاجر فيما بينها على سخافات المشاهير وقذارات المواضيع. قبل سنوات حدث أزمة ديبلوماسية بين الجزائر ومصر وقبل شهور وجدت فيديوهات وتعليقات متبادلة بين السوريين واللبنانيين كلها شتائم ولعنات وإساءات متبادلة، والآن موضوع الشجارات المستمرة الحالي هو حول "المرأة الأنظف، الخليجية أو المغربية." يا للغباء؟ هل المرأة انسان له كرامة وحقوق إنسانية أم منتوج تجاري يباع ويشترى في السوق وللأسف الشديد حسب ما أرى، المرأة يتم التعامل معها كسلعة في سوق الزواج. ومن وجهة نظري، هذا الجدال الذكوري العقيم يسيء لجميع النساء بغض النظر عن جنسيتهن لأنه يتعامل مع المرأة باعتبارها جسد يجب أن يكون نظيفاً حتى ينال المدح.
أما فيما يخص موضوع وئام فهي ببساطة قامت بالإجابة عن سؤال مذيعة وقالت لها لا أود الدخول في القيل والقال لكن لا يجب المبالغة وتضخيم الأمر فهي لم تقل أي شيء خطير ؛ بالرغم من ذلك وصل البعض لدرجة المطالبة بطردها من دول الخليج، بالرغم من أنها إعلامية ومغنية مقيم بالإمارات ولها جمهور خليجي كما أنها عاشت هناك لسنيين طويلة برفقة عائلتها التي تعتبر مغربية خليجية فالأم مغربية متزوجة من إماراتي بشكل قانوني. إذن هل تظنون أن وئام التي نجحت في أن تصنع لنفسها كل هذه الشهرة غبية لدرجة أن تشتم الخليجيات أو تهدف للتجريح والإساءة؟ أكيد لا، هي لا يمكن أن تشتم الخليجيات ومن المستحيل أن يكن غرضها من كلامها هو الإساءة للمرأة الخليجية ولكن من يسيء للمرأة الخليجية وللشعب الخليجي هم الذين يكتبون الآن تعليقات السب والشتم ويتكلمون عن البخور الغالية التي تستعملها الخليجية لتعطير البيت وغيرها من الردود المنحطة ببساطة. حينما قرأت التعليقات في تويتر مثلاً، صدمت من مستوى الردود القذر لدرجة، مثلاً، واحدة تقول أنها سوف تشتري خادمة مغربية لكي تغسل لها قدمها إلى غيرها من التعليقات التي يمكن البحث عنها في تويتر والفيسبوك واليوتيوب...




في النهاية، وئام الدحماني، عملت بث مباشر في الانستغرام لتعتذر ثم نشرت اعتذار مسجل بالفيديو. لقد احترمتها كثيراً خصوصاً لأنها تكرر اعتذارها أكثر وتعتبره شجاعة وليس عيب وحسب وصفها فاعتذارها نابع عن حب وليس لأنها مذنبة. وبالرغم من أن الشتائم مستمرة ضدها، عملت لقاءات صحفية جديدة تعتذر وتوجه رسالة حب واعتذار للخليجيات ثم سحب كلامها واعتبرته "زلة لسان" لأنه جاء في سياق الحوار وكان عفوي. وفي لقاء آخر بدأت تمدح الخليجيات واعتذرت من جديد وتأسفت على ما حدث من هجوم شرس عليها وقالت أنها لم تقصد الإساءة ولكن فيديوهات الرد والتعليقات المسيئة مستمرة لدرجة أن المنشورات في تويتر مثلا بمئات الآلاف بشكل غريب جدا ومهول.
استغرب من عدد الفنانات والمغنيات والمطربات والراقصات والاعلاميات في الدول العربية. وكلهن بأوجه ملونة وشفاه بارزة وشعور طويلة وعمليات تجميل تخريبية تجعلهن متشابهات مثل الدمى الصينية... ماذا يحدث يا عالم؟ يبدو أن عصر حريم السلطان مستمر ولكن هذه المرة لا يحدث في أروقة قصور الملوك ولكن أمام الكاميرات وعدسات الهواتف. من جهة أجد نساء محجبات منقبات عفيفات طاهرات يرفضن الظهور الإعلامي ويعتبرن الشعر عورة ومناطق لا تلمس ولا ترى دون عقد زواج ومن جهة ثانية أرى نساء غبيات سخيفات متعريات سطحيات التفكير وتافهات جداً، يخجلن من التصريح بأعمارهن، يتظاهرن بالتقدم والتحرر والتطور. تباً، فلتتحروا فقط من عقدة التقدم في السن وإن كنا نحتاج لتطور فليحدث في عقولكن الذكورية والمتخلفة. هذا هو التحرر الذي نحتاج له في المجتمع وليس أن تصبحي فنانة لا تعرف حرفاً عن ليوناردو دافينشي أو لوناً لسالفادور دالي. اعلمي يا صديقتي أن التعرية والتغطية تماما كما تقول نوال السعداوي هما وجهان لعملة واحدة. فإن كنت دون حجاب فوق رأسك فعقلك محجب بما هو أسوء وأقبح ولا تظني أنه يمكنك أن تصلي لمستوى ليدي غاغا أو أنجيلينا جولي لمجرد أنك ترتدين ملابس عصرية أو تتبعين أحدث صيحات الموضة فكما قال نزار قباني " لبسنا قشور الحضارة ولكن الروح جاهلية"

لا أصدق ما يحدث. حملة إساءة لمجرد جملة عابرة عبرت فيها عن رأي يمثلها ولكن صنعوا منه قضية رأي عام لدرجة وكل هذا من أجل اتباث أن المرأة الخليجية نظيفة. الأمر مثير للسخرية.
خلاصة القول، لحسن الحظ أنه من الجانب المغربي لا يوجد ردود من مشاهير مغاربة وأتمنى أن يستمر هذا الصمت فهو أفضل ولا أنسى أن أقول: لا يهم من تهتم بالنظافة أكثر، المغربية أو الخليجية طالما توجد العقلية الذكورية المتخلفة التي تحتقر المرأة وتجعل لسانها متسخ ينطق بالجهل والتخلف أما من يتكلمون عن البخور الغالية والخادمات الأجنبيات وفلوس الخليج فأنصحهم بالصابون البلدي وبالذهاب للحمام المغربي كل يوم أحد في الصباح الباكر. فهو غير مكلف على الاطلاق ( درهم دصابون من الحانوت و10 دراهم حمام وتولي نقية وبياضو ليك الركابي اللي معقدينك) 




No comments:

Post a Comment

تُسعدني مشاركتك و إضافتك في المدونة
أشكرك على تعليقك^_^