ثورة النساء هي رواية إسلامية بقلم عبد الودود يوسف نشرتها دار السلام بالقاهرة. لدي رغبة في السخرية من الكتاب لأسباب متعددة لكن سأحاول أن أكون موضوعي.
أعتبرها رواية موجهة للفتيات المراهقات باعتبار أنها رواية تربوية بسيطة غرضها توعية الفتيات بضرورة ليس الحجاب وعدم الثقة في الرجال وبخطر العلاقات الجنسية. الرواية لم تعجبني مع العلم أن القصة لا بأس بها لكن أسلوب الكتابة عادي وطريقة طرح المواضيع سخيفة... أو بالأحرى ذكورية وقاصرة.
تدور أحداث الرواية في مدينة باريس الفرنسية
والزمن غير واضح الملامح لكن يمكن أن نتوقع أنه في فترة ستينيات أو سبعينيات القرن العشرون وذلك بسبب الأوضاع الاجتماعية المتخلفة.
تعرض الرواية قصة نضال "سامورا" وهي فتاة ساحرة الجمال في الثالثة عشر من عمرها ضحية أسرة مشتتة فتقرر أن تواجه واقعها المر بشجاعة وقوة. تبدأ الرواية بشجار بين شباب فتتدخل الفتاة لتدافع عن أخيها فيفر هارباً ويتركها للأولاد الأشقياء الذين يضربونها ويجعلونها تنزف الدماء وحينما تستيقظ تجد نفسها في المستشفى مع والدين حقيرين يتخلون عنها ويرفضون دفع فاتورة المستفشى فتقرر الفتاة الصغيرة أن تعمل كمنظفة وحاضنة أطفال في المستشفى لمدة 3 أشهر لتدفع فاتورتها ومع مرور الوقت تنضج نفسياً وتصبح مناضلة نسوية مدافعة عن حقوق المرأة ضد الذكورية والتحرش الجنسي والاستغلال البشع التي تتعرض له العاملات.. مناضلة من أجل الدفاع عن الزواج ومهنة ربة بيت، مناضلة من أجل البنطال السحري الذي يحمي لحم المرأة من نظرات الذئاب الشرهة للجنس... ^_*
أحببت إنسانية سامورا خصوصاً فيما يخص طيبتها مع أبويها المسيئين وعلاقة الصداقة بينها وبين سوندا التي دعمتها مادياً ومعنوياً وأعجبتني النهاية الإيجابية وأيضاً بعض الأسطر المعدودة (موجودة نهاية التدوينة) لكن الرواية بشكل عام لم تعجبني.
قرأتها في ساعات معدودة لأنها قصيرة، أعتبرها مناسبة للقراء المبتدئين بسبب سهولة اللغة وخلو الرواية من الصور البلاغية والتركيبات اللغوية المعقدة والسرد السريع غير المتعمق وأيضاً بسبب القصة الاجتماعية واضحة المعالم والتي يمكن توقع كيفية تطور أحداثها بسهولة فالرواية خالية من عنصر التشويق والإثارة. العنوان مثير لكنه غير مناسب " ثورة النساء" كان من الأفضل لو يسميها "البنطال السحري" فهو عنوان ملفت ومناسب لروايات الأطفال وجذاب للمراهقات كما أنه مرتبط بمحتوى أحداث القصة.. فهذا البنطال يحمي شرف المرأة من الاغتصاب، تم ذكر البنطال في مواقع متعددة من بينها الصفحة 105 "... نظرن إليه كلهن حين دخل، وشددن بناطلهن ورفعنها...كاد يعود لكنه اقترب منهن وقال: إن بناطلكن جميلة، هتفت واحدة: ولن نخلعها إلا لزوج." هذا الأسطر تؤكد أنها قصة للأطفال وطريقة السرد ساذجة ومثيرة للسخرية.
نهاية الرواية مضحكة وغير مقنعة فسامورا أصبحت مسلمة بعد التعرف على سيرة الرسول محمد وبعد قراءة كتب عن الإسلام ومباشرة اقتنعت صديقاتها سوندا وهامونية بسرعة من دون إعلان إسلامهن وبعدها اعتنق الاسلام أخ سامورا للزواج بهامونية واعتنق الاسلام أيضاً والدي سامورا من دون مقاومة أو تساؤلات وهم اللذين كانوا يعيشون حياة منحلة غارقين في عدم المسؤولية واحترام العائلة لدرجة أن الأم تهمس لنفسها حينما وهي تقصد ابنتها في الصفحة 43 "هذه الفتاة الخبيثة يركض الرجال خلفها، وتفر منهم، ونحن نلاحق الرجال دون أن نجظى بواحد منهم إلا بعد عناء"
أجدها رواية أقل من عادية، لأنها مليئة بالتعميمات الخاطئة عن المجتمع الفرنسي والتي تقدم صورة سلبية عن فرنسا: اللقطاء منتشرون في كل مكان، النساء ساذجات ضعيفات يخسرن غشاء بكراتهن بسهولة بسبب ثقتهن في الرجال الخائنيين والرجال هم ذئاب وأنانيين واستغلاليين وكل ما يفكرون فيه هو ممارسة الجنس وصيد أجساد جديدة...إلى غيرها من التعميمات السلبية فالمجتمع يتم تقديمه بعدم موضوعية فالكل سكارى وغارقون في الجنس وهناك مقاطع مثيرة للسخرية مثل " والخيانة الزوجية وكل ما يقومون به هو رفع نسبة الأطفاء المتخلى عنهم وكأنه لا توجد وسائل مختلفة لمنع الحمل أو مؤسسات لرعاية الأطفال أو قانون لحمايتهم ومعاقبة الآباء.
هناك تناقضات في الرواية فبطلتها عاشت في بلد أروبي ولديها اسم لا علاقة له لا بالعربية ولا بالإسلام لكنها تتصرف وكأنها مسلمة من جمهورية مصر فترفض مصافحة هذا وتتكلم عن جهنم الحمراء... إنها مناضلة نسوية لكنها على الطريقة الإسلامية فهي تريد تحرير المرأة لكن عن طريق تكريمها وطريقة التكريم المقترحة في الرواية هي الزواج وإنجاب الأطفال وتربيتهم. لست ضد هذا لكنني ضد ربط الشرف بالجسد والأخلاق بالعذرية كما أنني ضد المعايير الأخلاقية المزدوجة بين المرأة والرجل كما أرفض أن نعتبر أن الزواج هو حل مشكلة الأطفال المتخلى عنهم أو الخيانة... فظاهرة الأطفال المتخلى عنهم موجودة بكثرة في المجتمعات التي ينتشر فيها الإسلام وعدد أطفال الشارع في ارتفاع مستمر كما أن الخيانة الزوجية وكثرة العلاقات الجنسية للرجال هي ظاهرة عالمية ليست مرتبطة بمجتمع دون غيره... نقدي للرواية هو بسبب المعالجة السطحية والقاصرة للموضوع وأيضاً بسبب تقديم صورة مغلوطة عن المجتمع الفرنسي... لدرجة أنني لم أجد أي نموذج رجل إيجابي فجميع الرجال أوغاد وذئاب وخائنين.
في الرواية يتم تكرار عبارة ذئاب عشرات المرات عن الرجال وكأن الرجال الفرنسيين لا هم لهم سوى ممارسة الجنس مع كل فتاة عذراء، بطلة القصة تتعرض للحرق وتغطي رأسها الأصلع ثم تتعود عليه وفي الصفحة 64 تقول: "هؤلاء ذئاب يجب أن لا يروا شيئاً من المرأة على الإطلاق" وذلك بسبب نظرات الرجال لشعرها ثم تقرر ارتداء الحجاب في الأخير. وفي مقطع آخر تصف الرجال بالذئاب الخادعين ولو غطوا أنيابهم بالحرير أو لبسوا لباس الرهبان... وغيرها من التكرارات التي لا معنى لها سوى استمرار الأحكام المسبقة وأن تستمر المرأة في لعب دور الضحية والمظلومة وتحميل المسؤولية للرجل وكأنه هو الفاعل الحصري والوحيد القادر على الاختيار.
أسطر أعجبني:
" المرأة حين تشقى، فإنها تشقي الأمة كلها" ص44.
" يجب أن نغير هذا أو نموت" ص45.
" الإنسان بشكل عام يجب أن يكون مع الحق، مع
الحقيقة، مع ما يؤمن به. فإن وجه إليه أحد ضغطاً فيجب أن لا يستسلم له،
عليه أن يقاوم الضغط ويتغلب عليه، ليحافظ على كرامته النابعة من حريته" ص66.
"ستكون حياتنا صعبة لكننا سنتحرر من العذاب كله وسنحرر الأجيال كلها من العذاب."ص83.
توقعت أن الكاتب هو داعية إسلامي لكنني شعرت
بالأسف لأنه كبير السن، هذه الرواية سهلة لدرجة أنه يمكن أن يكتبها شخص في
مثل عمري في بداية العشرينيات. حقاً، رواية ضعيفة أدبياً وقاصرة معرفياً
ولغوياً.
في النهاية هي رواية سيئة ولا أنصح بها أي أحد.