Saturday, March 15, 2014

استعمار العقول



يقول فولتير: لا توجد مشكلة تستطيع مواجهة هجوم التفكير المنظم.

  أعتقد أن الشعوب التي لا تستطيع تأسيس دولة عظيمة، عادلة، حرة، مستقلة و غير خاضعة لأي جهة خارجية، لديها مشاكل صغيرة مثل :

ــ الماضي المليء بالاستغلال الاستعماري الذي نهب خيرات البلاد و سرق أموال الشعب.
ــ استبداد الحكام الحاليين الذين تركهم الاستعمار. الذين يعملون معه الآن علاقات شراكة و تعاون متجاهلين الماضي المليء بالاستعمار و القتل. هؤلاء الحكام يقمعون المعارضين و يستغلون ثروات البلاد ويستبدون بالحكم.

  و هذا ما ينتج عدم توزيع العادل للثروات و بالتالي إنتشار الفقر، إنخفاض الأجور، ارتفاع عدد المعطلين، 
هجرة الأدمغة للخارج، و هروب يد عاملة رخيصة للخارج، الهجرة القروية و بالتالى إنتشار دور الصفيح، الأمية، الدعارة و أولاد الشوارع، المخدرات،، إلخ.

  المشاكل الإقتصادية تتسبب في مشاكل الإجتماعية و جميع المشاكل الإجتماعية مرتبطة ببعضنا البعض و كل مشكلة تؤدي للأخرى لكن سببها واحد، و إذا تخلصنا من هذا السبب تخلصنا من نتائجه.

  جميع هذه المشاكل المختلفة التي ذكرتها تعتبر بالنسبة لي مشاكل صغيرة، فالمشكلة الكبيرة و المهمة هي: إستعمار عقول البشر بعد غسلها جيداً بالصابون ، و كالعادة الشخص الذي تعرض لغسيل دماغ لا يعلم ما حصل معه، و بالتالي تصبح عقول تلك الفئة من الناس عبارة عن لعبة في يد أعدائهم، إنهم يحركونها مثل قطع الشطرنج.

  إن الشعوب التي تعيش في القهر لا تفكر بحرية لأنها دائماً تتعرض لغسل أدمغتهم عن طريق وسائل الإعلام المضللة و الخاضعة لرغبات الحكام، الناس لا ينتجون أفكارهم الخاصة و يتركون عقولهم مرتعاً لأفكار الآخرين، لذالك تجدهم  يطيعون بسهولةو يوافقون على أفكار حكومتهم  بدون مقاومة، إنهم خاضعون، خائفون، يقبلون الأيادي، و يركعون لبشر مثلهم، إنهم غير قادرون على إعلان العصيان، يظنون أنهم أحرار لكنهم في الحقيقة هم غير أحرار، و كل هذا سببه أنهم عاجزون عن استعمال عقلوهم بحرية.

  هؤلاء الأشخاص الذين يستحقون الشفقة،  ليس السب و الشتم، يتصرفون كعبيد لكنهم لا يعلمون ذالك، عندما تكلمهم عن حقوقهم و تدافع عنهم، يهاجمونك، و يتعاملون مع أفكارك و كأنها أفكار دخيلة، غربية و يقولون لك خائن لكن يجب أن تعذرهم، فهم بالفعل غير معتادون على أفكارك، إنهم لا يعرفون ما هو الإختلاف في الرأي، إنهم متعودون أن يروا في التلفاز شخصاً واحد، يشاهدون الأخبار الوطنية في قناة حكومية  واحدة، يسمعون كل يوم أفكار واحدة، لذالك فيجب أن تعذرهم و أن تفهم وضعهم، والمساعدة الوحيدة التي تستطيع أن تقدمها لهم هيأن تجعلهم يحررون عقولهم، أن تقوم باستفزاز تفكيرهم لكي يفتحوا أعينهم جيداً حتى يروا الحقيقة الواضحة، و لا تخف فأنت ستنجح إذا قمت باستفزاز تفكيرهم بالطريقة الصحيحة، و من الأفضل أن لا تقدم لهم أجوية كثيراً بل أطرح أسئلة فقط و أترك لعقلهم فرصة لكي يفكر، و كن متأكداً أنك ستنجح فعقلهم متعطش للتفكير.

هل تذكر القولة التي إقتبستها في مقالتي؟ أظن أنها معناها الآن أصبح واضحاً لك.

يقول فولتير: لاتوجد مشكلة تستطيع مواجهة هجوم التفكير المنظم،


  سأتحدث الآن عن الفئة الثانية من الشعب، و هي الفئة الواعية بوضعية بلدها الإقتصادية و الإجتماعية والتي لها نضج سياسي، هذه الفئة مقاومة حتى لو نسمع أصواتها بقوة، وهي بدون شك تحضر نفسها في صمت، تحضر جيش أفكارها الثائرة، تحضر جنودها، لكي تهجم بطريقة منظمة و في الوقت المناسب.

و يقول فيكتور هوغو: غزو الجيوش يمكن مقاومته، أما غزو الأفكار فلا.


No comments:

Post a Comment

تُسعدني مشاركتك و إضافتك في المدونة
أشكرك على تعليقك^_^