Friday, April 03, 2015

مراجعة أغنية هشرب حشيش by لوكا



أغنية جديدة رائعة جداً، مختلفة.  أحببتها منذ سماعها لأول مرة، اليوم. الموسيقى هادئة. يبدو أن المغنية مستقلة لكن جودة الصوت جيدة. جميل جداً مزج عبارة بالعربية الفصيحة مع اللهجة المصرية، لطالما أعجبني هذا الأمر، أيضاً مزجها باللهجة المغربية، مثلما فعلت متمردة. أروع شيء في الأغنية هو كلماتها العميقة و التي تعبر عن شريحة واسعة جداً من الفتيات اللواتي يعشن في مجتمعات تقليدية محافظة على التقاليد التي ترسخ اللامساواة. 



 الأغنية حصلت على أكثر 160 ألف مشاهدة. وجدت الكثير من التعليقات و الفيديوهات عنها، لكن مع ذلك هناك بعض الأشخاص الذين لم يفهموا الأغنية، خصوصاً الذكور، لذا خطرت لي فكرة: عمل مراجعة/تحليل لكلمات الأغنية. مع اقتباس كلماتها هنا في التدونية بغاية التوضيح.






الأغنية هي عبارة عن رسالة اجتماعية في غاية الأهمية. تعبر عن 5 مواضيع أساسية:

1- صراع الأجيال: الجيل الحالي يمثله صوت المغنية و الجيل السابق يمثله في الأغنية الجدة، الأم و الخالة. عادةً الأباء يريدون أن يعملوا منا نسخة مشابهة لهم، و يريدون أن يبرمجوا تفكيرنا بشكل معين، عوض أن يمنحوا لنا الحرية، يقصون أجنحتنا تحت مبرر الأخلاق و أنهم يخافون علينا و يعرفون مصلحتنا. يقومون بكل هذا بشكل لاوعي أيضاً من خلال محاولة توريث لنا بعض الأفكار من دون تصحيح تلك الأفكار أو التفكر فيها أو انتقادها بشكل يجعلهم ينقلون إلينا فقط الأفكار الجيدة.... لكن للأسف كل ما يهمهم أنها أفكار شائعة و مقبولة اجتماعياً، لذا لا يجب أن تخرج من القطيع كي لا تكون مختلفاً و بالتالي تتعرض للنبذ. 
آبائهم ورثوها من أجدادهم، و هم ورثوها من أبنائهم و نحن ورثناها منهم، لكن هل سوف نستمر بنفس الطريقة أم سوف نصنع الفرق.

" ستي قالتلي البنات بيلبسوا فساتين
أمي قالتلي البنات ميلعبوش في الطين "


2- طريقة التربية: عبرت الأغنية عن التمييز السلبي ضد الإناث الذي يعطي للبنت حرية و كرامة أقل من أخوها الولد. الأم تربي فتاتها بالتصرف بطريقة معينة باعتبار أنها أنثى و تخاف عليها، لكن الولد يتربى بطريقة مختلفة. الأم تربي فتاتها على ضرورة الترف و اللعب بشكل محدد و ضرورية ارتداء ملابس معينة تعبر من وجهة نظر الأم على الأنوثة (الفستان مثلاً).
الآباء يربون دمى و ليس أطفال بشخصية قوية تساعدهم من أجل حياة مستقلة في المستقبل.

ملاحظة: منذ سنوات كان السروال ممنوع على البنات و الفتاة التي ترتديه ينظر إليها اجتماعياً بطريقة مسيئة. هناك من يحرم السروال للرجال في الصلاة أيضاً عععع يجب ارتداء الجلباب الفضفاض.


3- الترهيب النفسي: حينما لا تنجح التربية المنزلية و محاولة بَرمجة عقل الطفلة على تفكير محدد. يبدأ الترهيب النفسي، الذي يعتبر الخطوة الأولية للعنف. في هذه الحالة، الخالة المنقبة قامت بتهديد المغنية أنها سوف تدخل للنار لأنها تعبر بصوتها بواسطة الغناء. لاحظوا في كلمات الأغنية أن الجميع يتكلم: الجدة، الأم، الخالة، و الأب صامت، لا أعلم لماذا ؟ الكل يتدخل أو يتطفل في التربية في الأسر العربية، لذلك تكون منحرفة. ههههه

              " و خالتي التي ترتدي الخمار .. قالتلي غني براحتك بس هتروحي النار "


4- الأحكام المسبقة: يقال أن كلام الناس لا يقدم و لا يؤخر، لكن مع ذلك *الناس* ما تزال تخاف من كلام *الناس*. المجتمع لا يرحم أحد و بالخصوص الفتاة، لذا الأم تخاف عليها من كلام الناس و هي تخاف أيضاً على سمعة العائلة من الفضيحة، لأن الشائعات و الأخبار السيئة تنتشر في مجتمعنا بسرعة خارقة، لأن الناس لا تهتم بشؤونها و لا تحترم خصوصية الآخرين. الولد قد يخطئ لكنه لا يخسر أي شيء أما الفتاة فهي تخسر الشرفو  السمعة السيئة سوف تؤدى إلى عدم الحصول على زوج و بالتالي ستبقى الفتاة في مسؤولية بيت العائلة.
لاحظوا تركيز لوكا على بواب العمارة. في حالات لا مشكلة من تأخر الفتاة في الليل لكن لا يجب أن يلاحظ ذلك الجيران أو الأب. دائماً هناك الخوف من كلام الآخرين عنا، ربما لأننا لا نثق في أنفسنا و لا نثق أيضاً في التربية التي منحناها لأبناءنا. تجد الأم تهول الأمور و مرعوبة لأنها تعرف أن تربيتها لا أساس صلب لها.

  " إوعي مرة تباتي بره... أو تتأخري في مره
          و عيب البواب يشوفك و متتجوزيش " 

5- النزعة الاستهلاكية/المادية:  الشباب غير مستعد من الناحية المادية و المعنوية من أجل الزواج و مع ذلك يسعى له، هذا ما يفسر ظاهرة الطلاق عند حديثي الزواج. مع ذلك الأباء يشجعون أبناءهم على ضرورة الزواج المبكر من دون محاولة الانتباه للظروف الاجتماعية و الاقتصادية التي تغيرت بشكل كبير جداً بالمقارنة مع الماضي. الأسوء أن نفس الآباء يحافظون على نفس التقاليد البالية التي تخص الزواج و التي يراها الشباب تعرقل الزواج لأنه لا يملك المال من أجل تحقيقها. 
يوجد أيضاً إشارة للسلع الصينية التي غزت السوق العربي و الذهب الذي تعطاه قيمة كبرى خصوصاً النساء...الخ مما يعبر عن الثقافة الاستهلاكية التي يعيش فيها العرب، فهم  يستهلكون بشكل أكبر مما يخترعون و يصنعون، و كل ما يفعلونه هو تكنيز الذهب عوض الاستثمار. 

 " عالم مفيش في دماغها غير الجواز و النيش 
صيني و ذهب و ملايات و ستاير كرانيش "


وجدت في تعليقات اليوتيوب اعتراض بعض المستمعين على عبارة " الحشيش" أقول لهم بصراحة: " لو عندكم اعتراض على هذه العبارة، أقترح عليكم الانضمام لجمعيات محاربة المخدرات" أظن أن هذا هو مكانكم المناسب لتحاربوا تجارة و ترويج الحشيش و بالتالي مساعدة المدمنين عليه. إذا لن تتطوعو في جمعيات محاربة المخدرات فأرجو منك أن تصمتوا " تركتم أغنية بكاملها و انبهتم لكلمة واحدة حتى تنتقدون" ما هذه السخافة؟


هل الحشيش هو فقط من أجل الرجال ؟ 

عموماً، أعتبر أن عبارة "الحشيش" هي فقط لجلب انتباه المتلقي، لأن هذا المخدر مشهور جداً في مصر و في الدول العربية عموماً مثل الشيشة.الحشيش محرم دينياً و ممنوع قانونياً و ضار جسدياً و نفسياً و مع ذلك  يستهلك بشكل كبير من طرف الذكور ( ربما الأب الصامت كان يدخن الحشيش ^_^) لكن حينما تستهلكه الفتاة تحدث قيامة لذا أعتقد أن الأغنية تتوجه للذكور لأن الأغنية ضد هذه الثقافة الذكورية الخاطئة.

إذن اختيار هذه العبارة هو مجرد لاستفزاز المتلقي و اثارة اهتمامه من أجل سماع الأغنية، و بالتالي وصول الرسالة. لدي فرضية ثانية عن اختيار الحشيش و عن ماذا تعبر لكني لست متأكد. ربما تكون الفرضية التانية صحيحة !! لا أعلم. ههههه


أتمنى لـ لوكا التوفيق و أن تواصل بنفس الطريقة. يبدو أنه لديها رسالة فنية سامية. أتمنى أن تحافظ على هذا المستوى الفني و على استقلالية ما تقوم به كي تعبر دائماً بصدق و بالتالي سوف يصل صوتها إلى قلوب الناس كما حدث مع هذه الأغنية.




بالتوفيق "_"

2 comments:

  1. عاشقة البحر3 April 2015 at 00:44

    تدوينتك تعكس الواقع بالفعل من خلال تلك الأغنية، المجتمع يضع قوالب صلبة و مطلقة لكل من الذكر و الأنثى، و يعتبر كل الذين لا يتناسبون مع هذه القوالب الجاهزة منحرفين. دون أن يهتموا بما يتسبب فيه هذا من لتضييق لحرية الآخرين و تراكم لمشاعر السخط و الكبث بسبب تلك العادات و التقاليد البائسة التي تشكل سلاسل تقيد الأفراد .

    ReplyDelete
    Replies
    1. هذا ما أقصده بالضبط، التربية غير الواعية تجعل منا مجرد نسخ متكررة من الآخرين، و يتم تعزيز العنصرية و التمييز بين الجنسين، الفتاة تلعب بالدمية العروسة و الولد يجب أن يلعب ألعاب الحرب في الشارع ععععععع تصرفات بسيطة لكنها تحدد مصير حياة بأكملها

      شكراً على تعليقك و مرورك العطر
      تحياتي
      ليلة سعيدة :)

      Delete

تُسعدني مشاركتك و إضافتك في المدونة
أشكرك على تعليقك^_^