Wednesday, August 28, 2013

عمارة يعقوبيان by علاء الأسواني


نُشرت رواية عمارة يعقوبيان سنة 2002 و هي رواية اجتماعية مؤلمة، جعلت قلبي يصرخ من الألم و ينتحب. أستغرب عندما أجد الكثير من القراء يتحدثون عن الخلاعة و المقاطع الإباحية الموجودة في الرواية. كل ما شعرت به أثناء المطالعة هو الألم و الحزن، خصوصاً عندما قرأت المقاطع الروائية التي تصف معاناة بثينة..  اغتصاب طه في المعتقل.. ماضي حاتم رشيد الطفل.. أما معاناة زكي الدسوقي فلم أتمكن نهائياً من استوعابها، كان بالنسبة لي مجرد زير نساء بائس.

تصور معاناة الأشخاص البسطاء بشكل يشبه كثيراً ما تفعله الأفلام المصرية. لدرجة أنني شعرت أن الرواية مكتوبة من الأساس لتصبح فيلماً سينمائيا أو مسلسل تلفزيوني لأن الكاتب كان ينتقل من مقطع لآخر و من مكان و زمان لآخر، و من شخصية لأخرى بطريقة غير سلسلة تماماً كما تفعل الأفلام. تجد المشهد التالي لا علاقة له بالأول. ( أنتج فيلم مقتبس عن الرواية سنة2006، و مسلسل سنة2007)

تجسد الرواية الفساد المنتشر في مصر بشكل قوي و صادم، تتحدث عن الفساد الذي مس جميع مجالات الحياة... حتى المساجد امتلأت بمتطرفين يريدون فرض معتقداتهم على الآخرين بحجة أنهم يملكون الحقيقة المطلقة. الوزارات و الإدارات امتلأت بالغشاشين، المرتشين، الكاذبين و الوصوليين..الخ، لكن يبقى السبب الأساسي في انتشار الفساد هو أخلاقي و ليس الفقر.
المزج بين السرد و الحوار كان رائعاً و خدم الجانب الفني من الرواية. الحوارات بين طه و بثينة كانت مؤثرة و مؤلمة جداً. الحوارات بين طه و الشيخ شاكر الذي جعله ينساق لأفكاره كانت معبرة و تخدم وجهة نظر الروائي الاسواني في الجماعات الإسلامية (الرواية تعبر عن صوت الأسواني بشكل أساسي)

ليس للرواية بطل أو شخصية رئيسية وحيدة، لكن توجد شخصيات رئيسية متعددة لديها دور كبير في تطور الأحداث هي : 

ـ طه الشاذلي : الشاب المجتهد المتخلق العصامي، ضحية الفساد.
ـ زكي الدسوقي : زير النساء العجوز، العازب، الطيب.
ـ بثينة : الفتاة المكافحة التي تظن أنها ستنجو بنفسها من فساد بلداها الذي تكرهه.
ـ حاتم رشيد: الصحفي اللامع البورجوازي و مدير جريدة لوكير، لكن يعاني من مثليته الجنسية و يشتاق لمغتصبه.
ـ الشيخ عزام : المتدين باللحية و المظهر، إنه شخص منافق، فاسد و ظالم.

نحتاج بشدة إلى روايات معاصرة كثيرة، تعري الواقع بنفس هذه الطريقة الجريئة إلى درجة الصدمة، تظهر واقع المجتمعات العربية بدون مكياج و أقنعة. فقط حتى يتوقف الناس عن تغطية الشمس بالغربال، و الهروب من واقعهم، لأنهم يخافون الفتن و مواجهة الحقائق.



الجنس في رواية عمارة يعقوبيان
أكثر الأشياء التي انتبته إليها بخصوص الجنس في الرواية هي :

1 - 
الجنس في بداية الرواية موجود بشكل مبالغ فيه، كان من الممكن أن يحذف بعض الفقرات غير ضرورية، و بالتأكيد لن يؤثر هذا الحذف أو التخطي على تطورات الأحداث، لكنه احتفظ بها ربما لتحصل الرواية على هذه الشهرة التي تستحقها، فالناس غالباً يستسلمون لفضوليهم، و ينجذبون لكل ما هو ممنوع. و خير دليل أنني وجدت قراء ينتمون لتيارات الإسلام السياسي، و يعبرون على عدم إعجابهم بالرواية بسبب المقاطع الجنسية. لماذا تطالعونها من الأساس ؟
المقاطع الجنسية التي لم أتقبلها هي المتعلقة بحياة زكي الدسوقي. كانت مبالغ فيها كثيراً و جعلتني أنفر من القراءة.



2 - 
في نفس الوقت كان من الممكن أن يحتفظ بمقاطع جنسية أخرى،ببساطة لأنها مختلفة، غير مبتذلة، و مقنعة.
مثلاً : في الصفحة 175 التي يصف فيها العلاقة الجنسية بين الشيخ عزام و زوجته الثانية (السرية) سعاد، كانت هذه الأخيرة تتقزز من جسده المترهل و تتحاشى النظر إليه و تعاني من ضعفه الجنسي لكنها كانت تتظاهر أنها مستمتعة و سعيدة.
عندما تتذكر طليقها و حبيبها السابق (الذي طلقت منه بعد غيابه في العراق)  تقوم بمقارنته مع زوجها الحالي، تشعر بفرق كبير بين جسديهما لكن يهاجمها الشعور بالخجل بسرعة و تدير رأسها ليقول لها الشيخ عزام أن لا تخجل فهي زوجته على سنة الله و رسوله.
لكن يوجد أمر غير منطقي نهائياً كيف تضاجع زوجها الشيخ عزام يومياً و هو لديه ضعف جنسي؟
هي ، هل لهذه الدرجة أصبحت قادرة على مجاراته؟
هو ، كيف يستطيع أن يفعل هذا ؟ أليس بعجوز و عاجز جنسياً ؟ 



3 - 
الطفل الصغير حاتم ، تعرض لاستغلال جنسي من طرف الخادم، و هذا بسبب الغياب السلبي لأباه الذي لم يقم بدوره، و أمه الغائبة التي تترك مهمة التربية للخدم لذا كان الطفل البائس مهيئاً نفسياً ليوافق على استغلاله جنسياً ليحصل على بعض الحنان المفقود، لكنه حصل على حنان مغلف بجنس .. ثم جنس بدون حنان.
كان الخادم ذكياَ جداً و من الواضح أن هذه ليست المرة الأولى التي يستغل فيها طفلاً  (الخادم مغتصب أطفال، بيدوفيل) كانت له خبرة في التعامل مع الطفل الصغير لم يعنفه، لم يضربه، و كان يحترمه لدرجة أنه لا يستطيع أن يغتصبه في فراشه، فمن منظوره هو مجرد خادم و الطفل هو السيد.
كان في الأول يقبله، يحضنه، ثم بدأت الملامسات و بعد ذلك بدأت العلاقة الكاملة لكنه مارسها تدريجياً حتى لا يتألم جسدياً لكنه بدون شك تألم نفسه و لبقية حياته.
الطفل كان راضياً لأنه تعود على هذه الممارسة، كانت وسيلته الوحيدة ليحصل على بعض الاهتمام و الحب.
إنه ضحية و لا يحق لأحد أن يحاسب الطفل.
هذا الطفل بعدما نضج. أصبح مدير جريدة مشهورة و صحفياً لامعاً و مثلي الجنس، كان شخصاً بائساً و كل ما يريده هو إيجاد شخص يمنحه الحب و الآمان، لكنه لم ينل مراده. ثم إنهى الأمر بموته في الأخير.




من يكره عمارة يعقوبيان ؟ 

من خلال قراءة تعليقات القراء استطعت أن أصنف كارهوا رواية عمارة يعقوبيان في أربعة فئات، هي:

4 تعليقات قد تنتمي لفئة واحدة :) 

-1-
أشخاص محافظون، يتبنون وجهة نظر الفن النظيف و الأدب النظيف، و الأدب غير نظيف. يتأففون من ذكر الجنس بجميع الأشكال، و يرفضون وصف العلاقة الجنسية و يعتبرونها خلاعة و إباحة تحط من قيمة العمل الأدبي. حتى لو كان العمل ناجحاً من الجانب الأدبي الفني يبقى سيئاً فقط بسبب أجزاء معينة يرفضون وجودها.

-2-
الإخوان و حركات الإسلام السياسي السبب لا يعود للرواية، فهم يكرهون الكاتب قبل أن يكرهون الرواية، و هذا بسبب علاقتهم المضطربة مع علاء الأسواني لأنه يهاجمهم إعلامياً و يزعم أنهم تجار دين و مجرمون و مسيئون للإسلام. و بالطبع المنتمون للجماعات الإسلامية لا يفرقون بين علاء الأسواني الشخص و الكاتب الروائي.

ملاحظة : الرواية أظهرت الظلم و القمع الذي يتعرض له الإسلاميين داخل المعتقلات، ألن تكون هذه هي الحسنة الوحيدة للرواية ؟  

-3-
أحرار الجنس و مناصروا المثلية سيكرهون الرواية لأنها تصف المثلية بالشذوذ الجنسي، و تصف حاتم رشيد بالشاذ جنسياً. 

-4-
أشخاص وجدوا أنفسهم في إحدى شخصيات الرواية التي يقدمها الروائي باعتبارها شخصيات منسجمة في عالم الفساد.


اقتباسات :

- إحنا في زمن المسخ.
- دي مش بلادنا، دي بلد إللي عنده فلوس.



No comments:

Post a Comment

تُسعدني مشاركتك و إضافتك في المدونة
أشكرك على تعليقك^_^