Tuesday, September 13, 2016

لماذا قررت النباتية ؟ Why Go Vegetarian

الكثير من الأشخاص يتساءلون عن ما معنى النباتية؟ ولماذا بعض أشخاص يمتنعون عن تناول الطعام ذو الأصل الحيواني؟ وهل هذه هي مجرد موضة وتقليد أعمى نتيحة الإنفتاح الإعلامي أم اختيار حر مبني على أسباب شخصية.

بدايةً وقبل أن أبدأ في عرض الفكرة الرئيسية للمقال، أريد أن أشير أن هذا الموضوع يدخل ضمن الإطار الخاص لكل إنسان فالجسم هو ملكية خاصة وليس ملكية للآراء الآخرين لذا لكل فرد له الحق في تناول ما يريد وما يقتنع به طالما ذلك لا يمس  حرية الآخرين ولا يسبب لهم الأذى بأي شكل من الأشكال.


كثيرون يحاولون السخرية والتهكم من النباتيين لكن تصرفاتهم تافهة وعديمة القيمة لأنه لا يوجد شيء يدعو للسخرية في النباتية قهي نمط حياة أتبث نجاحه وواقعيته كما لا يوجد شيء يدعوهم أصلاً للتطفل على حياة الناس الشخصية واختياراتهم الخاصة وعلى العكس أعتبر أن بعض تصرفات آكلوا اللحوم هي التي تدعو للسخرية لأنهم يقعون في الكثير من المغالطات العلمية والأخلاقية والتناقضات المضحكة وبالخصوص لأنهم يجهلون أن الكثير من العباقرة والفنانين والشخصيات العظيمة التي يذكرها التاريخ كانت نباتية، من أشهرها السياسي غاندي، العبقري أينشتاين، الفيسلوف فولتير، المخترع والعالم نيكولا تسلا، العبقري الفنان دا فينتشي، الكاتبة ماري شلي، الشاعر أبو علاء المعري، المفكر ابن المقفع، الكاتب ليو تولستوي، الشاعرة والمتصوفة رابعة العدوية، الصحفي أنيس منصور، عالمة الفيزيائية والفلكية مارغريتا هاك. جميع هذه الشخصيات من مختلف الدول أبدعت في أكثر من مجال وأصبحت شخصيات خالدة بسبب عطائها للبشرية كما توجد العديد من الشخصيات النباتية المعاصرة في جميع المجالات وبالخصوص مجال الفن والإعلام وبالإضافة للمجال الرياضي بشكل يرد على كل حجج آكلوا اللحوم الباطلة التي تعتبر أن البروتين الحيواني أساسي لتغذية ونمو الجسم.



قبل 4 سنوات اخترت أن أصبح نباتي وقراري كان نتيجة عدة أسباب ما تزال قائمة لحد الآن وهي تتلخص في السبب الصحي، النفسي والمادي ومع ذلك لم أتحول لـ Vegan بعد لأنني ما زلت أتناول (البيض، الحليب ومشتقاته، العسل) وفي نفس الوقت من حين لآخر - أجد نفسي - أتناول قطع صغيرة من اللحم بشكل يتناقض مع ما أؤمن به. أعترف... أحياناً، كنت أفعل ذلك بشكل اضطراري لأنه لم يتواجد لي البديل وأحياناً كنت أفعل ذلك كي أتأكد من حقيقة تخلصي من "شهوة تذوق اللحم" وما استنتجته هو أنها لم تعد تثير شهيتي بل اشمئزازي. في الواقع كنت أبتلع ذلك الطعام الميت وكأني أبتلع الدواء. وفي النهاية خلصت لاستنتاج أني أملك مناعة ضد اللحم وأنني مصر على اختياري الذي تحول الآن لقرار لن أتراجع فيه.

هذه السنة هي أول سنة لا أحضر فيها عيد الذبح والطعام. مع العاشرة والنصف غادرت المنزل وتوجه للغابة وقضيت هناك حوالي 6 ساعات أقرأ وأقضي وقت ممتع لوحدي. لم أرغب أن أضع يدي مجدداً في الدم ولم أرغب أن أرضي والداي كما كنت أفعل كل سنة لأساعدهما في طقوسهما ففي يوم العيد يتطلب القيام بأشياء كثيرة بعدما تقتل الأُضحية، حيث يجب سلخها وتنظيف أحشائها وشوي رأسها وأطرافها إلى غيرها من الأعمال التي يقوم بها الناس باسم الدين الإسلامي لغرض إحياء سنة النبي إبراهيم. وأنا شخصياً لا أعتبرهم يفعلون ذلك لهدف إسلامي على الإطلاق لأن الدين كالعادة هو مجرد الغلاف الذي يمنح هالة شرعية لعاداتهم الإجتماعية المتوارثة التي يطبقونها من دون علم بقصتها والحكمة منها أو حتى اقتناع بغاياتها.


الحيوانات حينما تذبح تحاول أن تهرب فهي تملك القدرة الجسدية لذلك ولهذا يقوم الجزارين بربطها بالحبال وسجنها في المراحيض أو في أسطح المنازل وفي الدقائق الأخيرة التي تسبق الذبح تكون تلك الحيوانات الأليفة خائفة من مصيرها وأثناء عملية القتل ترتعش وتنزف الدماء ثم تذبح بشكل كلي ليفترق الرأس عن الجسد بشكل يذكرني بما تفعله منظمة داعش الإرهابية. وأنا شخصياً لا أريد أن أتقرب لله عن طريق الدماء وقتل الحيوانات أو تناول لحومها.



الحيوانات تملك المشاعر: إنها تبكي، تحزن، تفرح وعلى عكس النباتات فهي تملك جهاز عصبي/حسي وتملك أعضاء حيوية لا أتخيل نفسي أهضمها. لا أريد أن تنتقل لجسدي هذه الطاقة السلبية ولا أريد أن يتحول جهازي الهضمي لمقبرة للجتث الحيوانية. النباتة ليست قرار لمجرد سبب صحي أو مادي بل أؤكد على السبب النفسي والفلسفي/الأخلاقي لأنه في حالتي هو الذي أكد اختياري. أعرف أن النباتيين متنوعين وأعرف أن أسبابهم مختلفة لكن ما يهمني هو التوعية بالنباتية وتوضيح أمور بشأنها انطلاقا من تجربتي الشخصية ومن معرفتي البسيطة.


أؤمن أنه من غير الصحي أن يسمن اللحم على لحم آخر وأن تتغذى المعدة على معدة أخرى وأرى أن أسناني الجميلة لم تخلق لكي تلتهم كلية أو طيحان أو رئة حيوان آخر كما أظن أنني لست مجبر على تناول الحيوانات فأنا لا أعيش في العصر الحجري وفي عصرنا الحالي الذي يعرف تطورات هائلة في مختلف العلوم يتوفر الإنسان على مختلف البدائل الغذائية لأن المملكة النباتية غنية جداً وليس كما يعتقد آكلوا اللحوم وأنت وحدك من يمكنك أن تختار هل تجعل ثلاجتك حديقة أم مقبرة. 



ملاحظة: لقد كتبت هذا المقال لتصحيح بعض الأفكار الشائعة وأيضاً للرد على جميع الإزعاجات التي تعرضت لها في السنوات الماضية من بعض أفراد العائلة لمجرد أني نباتي. كما أحب أن أعبر عن تضامني ومحبتي لجميع النباتيين الذين يعيشون في مجتمعاتنا المتخلفة التي لا تتقبل حرية الإختيار وحق الإختلاف.
أعرف أنكم ستمرون بأسابيع سيئة إما بسبب لائحة اللحوم التي تنتشر في كل مكان أو بسبب التعليقات السخيفة لبعض اللاحمين. مساء الحب والسلام لكم، أينما كنتم. إن مجتمع النباتيين يتطور في النت ويمكنكم الإنضمام للكثير من المجموعات والصفحات في مواقع التواصل الإجتماعي. أظهروا أنفسكم ولا تبقوا وحيدين ومن المفترض أنه في السنة القادمة 2017 لن  أذهب للغابة وحدي بل مع مجموعة أصدقاء لكي نصنع عيدنا الخاص.

2 comments:

  1. أشعر بالفرح الشديد لقد قرأت المقال بُكل حماس وتمنيت أن لا ينتهي وأشعر بالسعادة أيضاً عندما أجد أشخاص عرب نباتيين ويدافعون عن النباتية أيضاً لأن مفهوم وفكرة النباتية بالشرق الأوسط تكاد معدومة سأقوم بفتح صفحة على الفيس بوك تحت مسمى (كُن نباتياً) وسأقوم بالترويج لها عبر إعلانات مدفوعة لنشر النباتية أكثر وأكثر ولتثقيف الناس فالحيوانات ليست ملكنا وليس لدينا الحق في إستخدامها لمصالحنا الشخصية مثل الأكل أو اللبس أو عمل التجارب عليها

    شكراً جزيلاً على المقال المُذهل ، لقد قمت بإضافة المدونة لمفضلتي أتمنى أن تتسمر بالتدوين ، أتمنى لك العافية.

    ReplyDelete
    Replies
    1. نفس الشعور. سأبحث عن صفحتك في الفيسبوك لأتابعها. أعشق أن أرى محتوى عن النباتية باللغة العربية. أدعمك كثيرا
      لقد تركت التدوين هذا العام هنا بسبب انشغالي بمدنة جديدة اسمها "أصدقاء الكتب" وهي أيضًا قناة في اليوتيوب وأواجه صعوبات البدايات ولذا انقطعت عن التدوين هنا وتعليقك أسعدني وحفزني للعودة لمدونتي العزيزة

      تحياتي :)
      -زكرياء

      Delete

تُسعدني مشاركتك و إضافتك في المدونة
أشكرك على تعليقك^_^